البتراء تعاني.. إغلاق المرافق السياحية وتسريح العمال
تضاءلت فرص أم علاء الهلالات في إيجاد عمل لابنها الذي بلغ التاسعة والعشرين ويحمل شهادة البكالوريوس في السياحة، نظراً لتراجع أعداد زوار المدينة بسبب الظروف السياسية المحيطة. .
تقول أم علاء: منذ بدء تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعاني المدينة من انخفاض متواصل في أعداد زوارها، مما دفع العديد من المنشآت إلى إغلاق أبوابها أو العمل بشكل جزئي.
وتضيف أم علاء أن هذه الظروف دفعت العديد من المنشآت السياحية إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين أو إبقائهم يعملون براتب جزئي، ما يجعل فرص الباحثين عن عمل ضعيفة، في بلد يعتمد بشكل أساسي على قطاع السياحة.
ويتفق معها أحمد النوافلة، الذي يرى أن تراجع أعداد الزوار وتأثيره على قطاع السياحة ومرافقه، تسبب في ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل في البتراء منذ أكثر من عام، بل وأكثر من ذلك أن المدينة تعتمد على السياحة بشكل رئيسي، بينما توفر بقية القطاعات فرص عمل محدودة ومتواضعة.
وفي استطلاع أجري على عدة صفحات على منصات إلكترونية في البترا، فإن الغالبية العظمى تشكو من انتشار البطالة. ولا يكاد يوجد بيت في الحي يخلو من العاطلين عن العمل، وأغلبهم من خريجي الجامعات.
وفي المسح نفسه، اشتكى العاملون في المنشآت السياحية إما من تسريحهم من وظائفهم أو بقائهم بأجور جزئية، في حين ساهم التراجع الحاد في السياحة في انخفاض الدخل لجميع العاملين في القطاع السياحي، مثل موظفي المنشآت والمرشدين السياحيين، عمال المتجر وغيرهم.
لا توجد دراسات حديثة تشير إلى معدلات البطالة، في حين تتباين الأرقام المعلنة من قبل الجهات المعنية بشأن من فقدوا وظائفهم في قطاع الفنادق مثلا، لكن رئيس جمعية فنادق البترا السياحية عبد الله الحسنات يقدر أن نحو 1000 موظف فقدوا وظائفهم بشكل كلي أو مؤقت في قطاع الخدمات السياحية بسبب الأزمة التي يعاني منها القطاع.
يلاحظ
وكان رئيس مجلس مفوضي البترا الإقليمي الدكتور فارس البريزات أعلن مؤخراً في تصريحات إعلامية عن تسريح نحو 478 عاملاً في فنادق البترا بسبب انخفاض أعداد السياح.
وكشف البريزات أنه بعد انتهاء برنامج “بدنا الجنة” ستشهد المنطقة موجة جديدة من تسريح العاملين في القطاع الفندقي، إذا لم تتحسن الحركة السياحية. يتأثر أيضًا إيقاف البرنامج بشكل مباشر. مقدمي الخدمات في البتراء مثل الجولات والمطاعم والمرشدين والقطاع التجاري في البتراء.
يؤكد الخبير الاقتصادي ومعتمد منطقة البترا السابق الدكتور محمد الفرجات أن نسبة كبيرة من سكان منطقة البترا يعملون في مجال السياحة، سواء في السنة الأولى التعامل مع السياح بشكل مباشر من خلال مقدمي الخدمات؛ المرشدون السياحيون ومشغلو النقل والمكاتب السياحية والفنادق والمطاعم وكذلك مرافقو السفر (الخيول والجمال).
ويوضح الفرجات أن عدداً كبيراً من أهالي المنطقة يستفيدون من السياحة التي تقدم خدمات الدعم والتموين للفنادق والمطاعم ووسائل النقل، كمشغلي محلات البقالة والسوبر ماركت ومراكز التسوق واللحوم والمجمدات والخضروات والوقود. المتاجر، وغيرها، والتي تأتي في المرتبة الثانية. وفي المقابل، يتعافى سوق العقارات والإنشاءات، وتتعافى الأسواق عند استعادة السيولة الناتجة عن الحركة السياحية.
ويشير الفرجات إلى أن الطبقة الأولى تضررت بتوقف السياحة، ويمكن القول إن مصادر دخلهم توقفت أو لا تتجاوز 10% في أفضل الظروف مقارنة بالعامين 2023 و2019. أما الطبقة الثانية، بحسب الفرجات، فيمكن القول إن مصادر دخلهم تقلصت إلى النصف، أو حتى أقل، مع شح السياحة.
ويوضح الفرجات أن ذلك يؤثر على الوضع الاجتماعي للأسرة والمجتمع ككل، ويؤثر على الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية للأطفال ونوعية الحياة، ويعرض أرباب الأسر لعدم القدرة على سداد المدفوعات والديون المصرفية. حيثما ينطبق ذلك، ويزيد من الضغوط المادية والنفسية على مجتمع الحي بأكمله.
ويعتبر أن هذا التراجع السياحي والاقتصادي رافقه أيضاً ارتفاع كبير وملحوظ في نسبة البطالة، خاصة وأن القطاع الأهم في المنطقة تعرض لانتكاسة حقيقية، بسبب الظروف السياسية المحيطة، وأهمها الحرب في غزة.
ويدعو الشاب عمر الحسنات إلى ضرورة تنويع القطاعات الاقتصادية والإنتاجية للمنطقة وتنفيذ مشاريع تنموية حقيقية، لأن سكان المنطقة اليوم بحاجة ماسة إلى فرص العمل.
وتتماشى هذه الدعوة إلى التحرك الجيد مع المطالب المجتمعية والبرلمانية والحكومية المستمرة بضرورة تنويع القطاعات الاقتصادية في البترا، بدلاً من الاعتماد فقط على السياحة التي تتأثر سريعاً بأي حدث سياسي، من أجل “تقديم صفقة أفضل”. . فرص العمل والمعيشة للسكان.